عشـــــــرة رمضـــــان
ذلك اليوم الذي صعق آذاننا و روَّع قلوبنا و مزَّق وجداننا بخبرٍ لم يقلل من جلل وقعه على النفوس سوى رحمة رمضان و غفران تلك الأيام فنسأل الحي الديان أن يكونوا في أعلى الجنان.
لم أشأ أن أقترب في هذا الموضوع فالحديث فيه يجدد الألم و يمزق نياط القلب و يثير مكبوت الشجن...
و لكن يبدو أن الكبار لا ينبغي لهم أن يغادروا في هدوء... كما المنسحب من معركة الحياة الحامية الوطيس، و لكنهم يظلوا و بإلحاح حامل الرسالة أن يكونوا معنا...
حتى لو وارينا جثامينهم الثرى و نفضنا أيدينا و ذهبنا.... أو حتى لو تعطرت مياه النيل بسنا طهرهم و عفة شرفهم و ذهبوا إلى حيث قدَّر الله لهم أن يذهبوا...
لقد أبوا بإلحاح الأبي الجَلِد إلا أن يكونوا دوما معنا و بيننا لا يفارقوننا أبدا...
فمنهم الأستاذ الذي بقي حِسَّه يجلل في أعماقنا برسالته التي اختار أن يبلغها، و قد كان له ذلك، فها هو يمشي بيننا و يبلِّغ رسالته من خلال امتداده الطبيعي في تكوين كل منا و في تكوين أبنائنا و أبناء أبنائنا من بعدنا...
و سيظل ينعم بوافر الحسنات و طيب الخيرات من حُسنِ ما استنَّ من سنةٍ إلى أن يرث الله الأرض و من عليها...
و منهم من جمع بين الأستاذ و الوالد رغم أن جلَّهم و بلا استثناء كان قد جمع و بكل اقتدار بين وظيفتي الأستاذ و دور الوالد بكل تلقائية و حس مسؤول...
و منهم الأخ الحنون الذي ما بخل بشيء حتى نفسه التي بين جنبيه..
و منهم الصديق الذي كان يفوح عطراً بصدقه يأخذ بالألباب قبل القلوب و ينضح نبلاً في كل حركاته و سكناته..
و منهم الأخت و الصديقة و الجارة... التي اختارت أن تكون للتعليم رائدة و أن تكسر حاجز المدرسة المتوسطة ذلك الرقم القياسي الذي تعسر على الجميع تخطيه... فإذا بهم يقفزون فوق الحاجز ممهدين الطريق للأجيال التي بعدهم...
فكلنا مكلومون بواحد منهم أو كلهم...
و الآن ماذا عسانا أن نفعل... نفرح بهم إذ هم شرفونا بأن نكون منهم أم نحزن إذ هم تركونا من بعدهم نجتر ذكراهم و ننوح و نلطم...
أم يتوجب علينا أن نستلهم رؤاهم و استشرافهم لمستقبل لا يمكن أن يستقيم له عود بدون أمَّا معلمة و مستنيرة و أختاً عالمة و مستشارة في كل تفاصيل الحياة و ابنة متعلمة و متحصنة بعلمها من غدر الزمان و لهو الإنسان...
ذهبوا و تركونا نردد بلا انقطاع...
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق،،،،