بيان الى مواطني السودان من الحزب الليبرالي السوداني
مزيدا من العمل لإيقاف الحرب وإستعادة الحقوق وأنجاز التحول الديمقراطي
يا مواطني ومواطنات السودان:أمس الاثنين 14/7/ 2008 وجه المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية الاتهام بارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الابادة الجماعية لراس الحكم عمر البشير. إن هذا القرار قد جاء نتيجة طبيعية لإستمرار الحرب الاهلية في دارفور والتي استمرت خمسة سنوات حسوماً وقتل فيها ما يقارب الربع مليون مواطن وشُرد فيها اكثر من مليوني مواطن يعيشون في اسؤا الظروف الانسانية.
لقد شهدت الحرب في دارفور ممارسات وجرائم يندي لها الجبين، من ممارسة القتل على الهوية وممارسة الاغتصاب والتعذيب وقصف القرى وتخريب المزارع والآبار ونهب الماشية والممتلكات. كما تم ترويع الناجين من الحرب وحصرهم في معسكرات للذل وممارسة الاعتداء عليهم هناك صبحا وعشية وتركهم فريسة للجوع والامراض والعصابات تقتلهم ببطء وفي كل يوم جديد.
ان دارفور قضية سياسية متأزمة تقع تحت مسئولية جميع الحكومات الوطنية،ولكن مسؤولية اشتعال الحرب في دارفور آخيرا واستمرارها بكل الجرائم التي حدثت فيها انما يتحملها النظام وسياساته وقياداته، والتي تقاعست عن السلام ولم تلتزم بما تم التوقيع عليه وتماطلت في محاسبة المجرمين بل شجعت بعضهم وكأفاتهم حينما طلبتهم يد العدالة العالمية.
إن حزبنا هنا لا يتجاهل العامل الاجنبي في أزمة دارفور، فمن جهة هناك الصين التي تزود مختلف الاطراف بالسلاح وتبحث عن موطيئ قدم لها وتريد الاستحواذ على بترول السودان، ومن جهة أخرى هناك الصراع الفرنسي الامريكي على هذا الجزء من افريقيا. وعلى خلفية هذه العوامل نجد تدخلات اقليمية تتمثل في تشاد الحريصة على نظامها وتتبادل الضربات مع النظام السوداني، وموقف ليبيا التي تدعم طرفي الصراع، ومصر التي تحاول قضم اجزاء من دارفور (جبل العوينات) وتكوين قواعد عسكرية واقتصادية لها في المنطقة.
إن قضية دارفور قد سلطت الضوء على إمكانية انحلال الدولة السودانية وبالنظر الى وجود ثروات هائلة من النفط والمعادن والمياه في دارفور، وبالنظر الى هذه المصالح الدولية المتقاطعة وتجنباُ للانهيار الكامل للدولة السودانية، فان القوى الدولية التي وقفت طويلا من قبل مع نظام البشير وتغاضت عن الكثير من ممارساته المجحفة تجاه أهل السودان، قد اختارت آخيراُ نزع شرعية نظام البشير عبر توجيه الاتهام له ولأركان نظامه.
إن حزبنا يؤكد وقوفه التام مع الشرعية الدولية، ومع مبدأ محاسبة كل من أرتكب جرما ضد الإنسانية؛ ونعتقد أن هذا القرار انما ينخرط في إطار الشرعية الدولية على علاتها وفي تداعيات الأزمة، ونُحمل النظام القائم مسؤوليته بالكامل، حيث دعا حزبنا النظام ورأسه وحزب المؤتمر الوطني عشرات المرات للرجوع للعقل وايقاف الحرب والاتجاه للسلام بنية طيبة والتخلص عن نهج القمع والتسلط وتخريب النسيج الاجتماعي، دون جدوى. لقد وقفنا دائماً ضد خيارات الحرب وضد فتح المجال للتدخل الأجنبي، ولكن خيارات الحُكم كانت تتلاعب بمصير ومستقبل شعب السودان وبحقوق المواطنين المشروعة وفي قلبها حق الحياة والأمن، حتى اصبحت ممارسات القتل والموت في دارفور عاراً على شعب السودان وظلماً يستصرخ ضمير الأنسانية وترتفع به دعوات الضحايا بكاءاً من أجل العدالة.
أن حزبنا مع ذلك يعتقد ان العدالة لا تتجزأ ، ومن هنا يتسائل عن الجرائم التي ارتكبت في جبال النوبة وفي جنوب السودان وغيرها في كل الفترة من 30 يونيو 1989، وكلها جرائم موثقة ووموجودة في أضابير الآمم المتحدة وفى كل مكتبات المحافل الدولية التى تهتم بالشأن السودانى، ويؤمن الحزب الليبرالي أنه لا يمكن أن تتم عدالة حقيقية دون رد تلك المظالم ومحاسبة كل القائمين عليها، وهذا واجب رئيسي لشعب السودان في مستقبل الأيام.
أن هذا يقود للتأكيد على أن حزبنا يعول دائماً على المكون الداخلي وعلى تفعيل نشاط المواطنين لإنجاز التغيير داخلياً. إننا نعتقد ان تطورات الاحداث قد اعلت من شأن العمل الداخلي والضغط من أجل التغيير الديمقراطي ورد الحقوق وتحقيق العدالة، كما رفعت امكانيات التحول الايجابي تجاه تفكيك الشمولية وبناء ظروف ديمقراطية حقيقية وواقع جديد يتيح إنجاز السلام واستكمال التحول الديمقراطي ونقل السلطة للممثليين الشرعيين لشعب السودان عبر انجاز انتخابات ديمقراطية حقيقية لا مزيفة ولا مطبوخة كما يريد لها الشموليون.
يا مواطني ومواطنات السودان:ان حزبنا في هذه اللحظات الحرجة من تاريخ السودان يطالب المطلوبين وأهل الحكم بالتعاون مع المجتمع الدولي ومع المحكمة الجنائية الدولية لا معاداتها، حرصاً على سلامة ومستقبل وكرامة شعب السودان. كما يُحذر حزبنا من الاستمرار في طريق العنف والتصعيد ومعاداة الشعب واشعال الحروب الذي يهدد به بعض ساسة وأيدلووجي الحكم، بإعتبار ان هذه الممارسات بالضبط هي ما أدت لهذا الوضع المتأزم.
إن الحزب الليبرالي السوداني يدعو مرة أخرى حزب المؤتمر الوطني لمراجعة سياساته الخطلة وممارساته الاقصائية، ويطالبه بالإلتزام الحقيقي بدعوة السلام وايقاف العمليات العسكرية تماما والتخلي عن منهج الأثرة والتسلط ويحذره من عواقب محاولات نسف استقرار الوطن وسلامة اهله بإجتراح المغامرات ضد القوات الدولية او ضد شعبنا او باللجوء للتصعيد العسكري او الاعتداء على الحريات.
أن حزبنا في المقام الأول يدعو كل المواطنين للانخراط الجاد في العمل لإيقاف الحرب وإستعادة الحقوق المشروعة لأهل السودان وانجاز التحول الديمقراطي السلمي وتفكيك الديكتاتورية، ويقول لهم إن ساعة العمل الجماهيري قد جائت، وآن لشعب السودان ان يسمع العالم كله صوته. إن التمسك بقوة بدعوة السلام ودعوة الوحدة الوطنية والوقوف ضد كل ممارسات تسلطية ومعادية لحقوق المواطن قد اصبحت مسؤولية الشعب السوداني في المقام الأول، ونحن واثقون من قدرته على الإضطلاع بها.
أننا في هذا المنطلق ندعو كل القوى الديمقراطية السودانية للوحدة والتكتل والفعالية، من أجل الا يتحكم المغامرون بالوطن ومن أجل ان يكون السودان بلدا متصالحا مع نفسه ومع العالم. ونؤمن بقدرة القوى الديمقراطية السودانية على اجتراح التغيير ، إذا ما توفرت لها ارادة الفعل. كما نطالب كل القوى السياسية الوطنية بالضغط والنضال والعمل على تفكيك الشمولية وتكوين حكومة قومية توقف الحرب في دارفور فوراً وتبسط الحريات وتعيد الحقوق وتلغي كل القوانين المقيدة للحريات وتعد لانتخابات حرة نزيهة يتم فيها نقل السلطة سلمياً لممثلي الشعب.
إن الحزب الليبرالي السوداني يناشد على وجه الخصوص الحركة الشعبية لتحرير السودان بتنسيق مجهوداتها مع القوى الديمقراطية من أجل تثبيت نيفاشا شعبياً وقطع الطريق على كل محاولات الارتداد عن السلام والانتكاص على التحول الديمقراطي، بما في ذلك اجازة قانون احزاب ديمقراطي واجازة قانون انتخابات ديمقراطي. كما يناشد حزبنا الحركة الشعبية ان تنفتح في تكتيكاتها على كل القوى السياسية والا تحكم مستقبل السودان بالانحياز لسياسات تسلطية لتنظيم معزول شعبياً وعالمياً، وعدم التعويل على طرف واحد لتحقيق مستحقات نيفاشا.
كما يتوجه حزبنا بخطابه للحركات الثورية المقاتلة في دارفور بضبط النفس والتحالف مع القوى الديمقراطية لتحقيق البديل الديمقراطي والإنتقال بوطننا من جحيم الحرب وحافة الهاوية وتسلط الدكتاتورية الى ساحة السلام وتحقيق الأمن وانجاز التحول الديمقراطي وبناء الدولة الفيدرالية، ضمن روح المسؤولية الوطنية وبآليات الحراك السياسي وبما يؤدي لحفظ الارواح السودانية الغالية.
الحزب الليبرالي السوداني
15/7/2008