عدد الرسائل : 30 العمر : 49 الاقامة : الجريف شرق المهنة : محاسب تاريخ التسجيل : 04/05/2008
موضوع: رواية الحلم و الحقيقة - روح بلا جسد (2/1) الإثنين 19 يناير 2009, 8:31 am
رواية الحلم و الحقيقة - روح بلا جسد الفصل الأول الحلم (2-1)
أكملت خطواتى برياض التعليم حتى الجامعة .. وإنتشيت أفراح التخرج المتخمة بتعبير الأخوة و الصداقة و الزمالة والمحبة .. ونفسى منبهرة بتلك الأجواء ... حضنتنى (جامعة النيلين ) و التى كان تاريخها فيما قد سبق تكنى بـ (جامعة القاهرة الفرع ) .. حيث أكملت دراستى بها وفى كنفى شهادة لبكالريوس المحاسبة ... وكأى سودانى تاهت حياتى بمعالم الأفراح ودنياها مصطبغة بأحزان دنيا العطال والتبطل السفيه القصرى عن العمل .. وقررت مواصلة سلسلة العلم بإفتراح أناملى بعلم الضغط على أزار الحاسوب .. لأنال شهادة يتحسن بها موقفى عند التقديم لأى عمل .. وأرتقى درجة فى سلم العطال الوظيفى .. وأكملت دراسة الحاسوب بعد مضى ستة أشهر .. ولكن أصر التعطل صداقتى ليمضى بى العمر سنتان بأحضانه بعد تخرجى من الجامعة ... ورغم مجال المال والمحاسبة إلا إن نفسى كانت تواقة دائماً لعلم الجغرافيا و الجيولجيا .. وكثيراً ما كنت أشاطر الجيولجيين محاضراتهم فى قاعات الجامعة .. وتمنياتى أن تذوب حنايا فى أفاق ذاك العالم .. ولكن سفينة التعليم العالى أتتها رياح لا تشتهيها .. رياح التوزيع حسب النسب الممنوحة لى كجائزة على إجتهادى فى إمتحانات الشهادة السودانية الثانوية ... وإبتسم لى الحظ بعد أكثر من سنتان على تخرجى .. وبعد إلحاحى على تكثير الدعوات من أمى العظيمة .. فقد رمتنى الأقدار فى شركة ( الشرق الأوسط ) للأستيراد و التصدير .. وجاء الإتفاق معى بأن أعمل معهم فترة تدريبية .. ومن ثم يوقعون معى عقد العمل .. هذا إن إجتزت فترة الإختبار بنجاح .. وشكرت والد أخى وصديقى وزميلى فى الجامعة (على حسان ) على إتاحته لى هذه الفرصة للعمل عبر معارفه .. وأغدقت كثيراً فى وصف الوالد كرماً لأخى (على حسان ) ... وعذراً إن أخذنى الحديث لدروب أخرى .. فهو عن أسرتى .. وهو حديث ذو شجون بدواخلى .. فأسرتى كجسد واحد .. تشع قوة الترابط راسمة حتى الحسد فى عيون الآخرين .. ومغطبتين فى نفس الوقت بترابط عائلتنا الجميل .. وعقولهم تنطق أن الكل سيحدوا حدونا .. وإن كان ما تميزت به عائلتى هو فى الأصل عنوان الأسرة السودانية ... أبى أحمد المتفتقة حناياه بعطاء الأبوة .. يمتلك متجراً صغير للخردوات وحاجيات الأكل للبيت السودانى .. وكان ذلك بعد أن ترك الوظيفة قبل سنين خلت فى مصلحة الجمارك السودانية .. ولكن المتجر كبير بما يدر عليه من ربح ضئيل .. و الذى هو بالكاد يكفى لعدة أيام .. عائلاً لأسرة قوامها عشرة أفراد .. وأمى العظيمة (خديجة) الحنونة ذات العطف اللانهائى التدفق .. وكل همها تربيتنا وأخراجنا للدنيا أبناء صالحين مترعين بدفء الخير وبهاء الأخلاق و البحث المتواصل عن المعروف ... ونحن سبعة إخوان أنا (حاتم) ثانيهم فى الترتيب .. (خالد) أكبرنا متزوج من إبنة عمنا المقيم بمدينة (كسلا) .. و التى أتخذها خالد سكناً له بجانب نسيبه وعمنا .. وله من زوجته إثنين .. وله أفضال علينا بإرساله كل شهر ما يمكن أن يساعد عائلتى الرائعة فى بحثها اليومى عن لقمة العيش ... ولى أخوين أحدهما أصغر الذكور وآخرنا فى الترتيب ويكنى بـ (ناجى) .. والآخر هو خامسنا فى الترتيب وسمى بـ (عبد الرحمن) ... وإخواتى ثلاثة كبراهن و التى بعدى مباشرة فى الترتيب (شادية) تزوجت من رجل خدعنا ببداياته الندية وكرمه المتدفق .. ولكن سرعان ما إنبهرت أنفسنا ذهولاً بشراسة (منصور) المتمثلة فى ضيق خلقه وسرعة غضبه وغيرته الشديدة .. رغم إن (شادية) لم تكشف عن شعرها حتى يوم زفافها .. و الذى خرجت فيه بخمار كامل .. ولكن مع ذلك كان زوجها بعيداً عن سوء الخلق بعد المشرق للمغرب ... وإنقطعت زيارات (شادية) عنا بسبب شراسة زوجها .. وكذلك بسبب جمال أختى الباعث فى دواخل (منصور) نيران الغيرة ... اما الأختين الأخريتين .. فـ (ماجدة) ساقتها الأقدار لتبحر علماً فى نفس جامعتى .. ( جامعة النيلين) .. و(خنساء) ما تزال تتدرج فى سلم التعليم المدرسى ... وعائلتى مترابطة جداً جداً .. تخيم عليها أواصر الروابط الأسرية المتينة القوية الإحساس .. ما عدا بعض الشوائب التى أكدرت علينا .. وهى بعد أخانا الأكبر (خالد) منا .. وثانيتها إنقطاع (شادية) عن زيارتنا إلا فى فترات متباعدة جداً ... ومثلها مثل بقية الأسر السودانية .. توشحت عائلتى التدين الصوفى الأصيل .. والذى تدين به أغلب وجل الأسر السودانية فى هذا الوقت .. أى فى نهاية تلافيف القرن العشرين ... ولكنت حتى صور أجساد أسرتى قد فارقت الذاكرة .. معتقداً أنهم أرواح فقط لا أجساد لهم كما يسود الإعتقاد تجاه نفسى بعد ما حدث لى فيما بعد .. فكل شخصية لا أظنها إلا خيالاً يزور طيف دنيا روحى .. فقد غرقت أسرتى بحر اللآتجسد النابع فى دواخلى .. وصرت أراهم كما أرى الناس .. ما هم إلا خيالات تمرح وتسرح فى دنياى المتسيطرة بواقع أننى روح لا جسد لها ... سار عملى فى شركة (الشرق الأوسط) طيباً تحفه أجنحة السعادة الآلقة .. وساعد مرتبها المجزئ بعد تعيينى فى تخفيف أعباء المعيشة على أبى وأسرتى ... ولكن .. حاربت حياتى الهناء و السعادة فى تلك الليلة المشئومة إياها .. و التى أعقبت سنة بالتمام والكمال من عملى فى الشركة .. فقد نمت فى تلك الليلة ودعوات أمى أن ألتقى بنت الحلال تحلق بآذانى .. ونفسي تستشعر روعة تلك الدعوة ... ففى تلك الليلة دخلت نفسى أبحر الأحلام .. حلم غريب حطّ مخالبه بأسفح روحى .. والإحساس الغريب بدأ يجتاحنى عقبه .. وذلك بأننى محلقاً فعلاً محلقاً بدنيا الأحلام لا الواقع .. ولكن لم تكن بىّ قوة كى أفيق من هذا الحلم ... وأنا متسربل بدفء المهد بليلة بصيف منتصف التسعينات .. تراءى لى شبح إنسان أسود فوق حائط منزلنا .. وأخذ ينظر إلى لمدة .. وأنا أحس بإختراق عينيه لجسدى .. ثم إختفى فجأة .. ونهضت من فراشى لأفاجأ بنفسى وقد ضاعت ملامح أسرّة إخوانى .. لأجد نفسى خارج المنزل متتبعاً خطى (الشبح) .. فلمحته وجريت خلفه ولم يكن بى ذرة من إحساس الخوف .. وجريت كثيراً .. وإنتبهت فجأة لأجد نفسى فى صحراء مترامية الأطراف وشديدة إصفرار اللون وممتدة حتى حدود الأفق .. وعندها قهقه (الشبح الأسود) ضاحكاً .. ثم أختفى .. وإمتلأت نفسى بالخوف لحظتها .. وقد فارقت الأتجاهات دليلى .. وبدأت أصرخ فى حين وأنادى بحين آخر .. ولكن ما من مجيب .. وعزمت التحرك وقد ضلّ إتجاهى .. وبعد مسير طويل وصلت إلى منطقة مستنقعات وخلفها بدأت غابات كثيفة .. وقد بدأ من بين الأشجار المتشابكة بصيص نور يتسلل بوهن كما هو حالى .. ولكنى قررت الرجوع لأشق طريقى وسط الصحراء .. وما أن إستدرت لأعود حتى لاحت لى أشباحاً سوداء كثيرة تسد الأفق وهى تتقدم نحوى مطلقة صرخات عالية ومخيفة .. مما أدخلت الرعب بنفسى .. فعزمت خوض المستنقعات .. وما أن زلت قدماى بها حتى إختفت الأشباح .. وادركت أننى قد وقعت بأحضان طين شديد اللزوجة .. وأخذت أصارع الوحل الذى غطى نصف جسدى .. وبعد خطوات قليلة غطى الطين جسدى بالكامل عدا رأسى .. وقاومت بشدة وأنا أقارب على نهاية المستنقعات .. ولكن بدأ جسدى يغرق أكثر وأكثر بوحل المستنقعات وأنا أصرخ لينجدنى أحد ما .. وأدركت لحظتها أنه الموت لا محالة .. وأخذت أنطق الشهادة .. وفى آخر رمق لى لإصطدمت يدى بفرع أحد الأشجار الغائص فى الوحل .. تعلقت به بشدة .. وبعد جهد جهيد خرجت من المستنقع وأنا أحمد الله كثيراً .. وبيداى دماء من وخذات الشوك .. ورغم ذلك كانت نفسى تحدثنى أن هذا حلم ولكنى لم أستطع الإستيقاظ منه ... ودخلت الغابة الشائكة وأنا أقصد بصيص النور الذى يأتينى بوهن من بين أشجار الغابة الكثيفة وأغصانها المتشابكة .. وبى خوف يرعدنى ويزلزلنى مما أنا فيه .. وسرت ولم أدرى كم من الوقت مشته قدماى .. وخرجت من الغابة وقد تجرح جسدى من شدة تشابك الأغصان وأنا أمر بها .. وفجاءة زال خوفى تماماً .. وأمام أعينى بان لى أشخاص بيضاء الوانهم لا ملامح لهم .. وسرت بوسطهم وأنا أشعر بإطمئنان شديد ... وفجاءة هجم علينا الأشباح السود .. ولكنهم فروا بعد معركة قصيرة شعرت بوسطها أننى أقاتل أطيافاً .. وواصلت سيرى مع ذوى اللون الأبيض فى إتجاه النور .. ثم هاجمتنا الأشباح مرة أخرة ولكنهم فروا أيضاً .. ولكن إطمئنانى لم يستمر كثيراً وذوى الألوان البيضاء إنحرفوا بعيداً عنى ملوحين بأيديهم كأنما يودعونى .. وصرت وحيداً وقدماى تأبى التوقف سيراً تجاه النور الواهن .. وحانت منى إلتفاته خلفى ففوجئت بـ (الشبح الأسود) وبمعيته إمرأة .. وتسمرت مكانى وهما يقتربان منى .. ونفسنى تخالجنى بأننى أعرفها .. وإقتربا منى حتى أصبحا بجانى وبديا لى أنهما ضخمين للغاية وأنا أشعر بضآلة جسدى تجاههما .. ومدت المرأة يدها لتقتلع شعرة من رأسى وأنا أحس بالألم ونفسنى تنازعنى انه حلم .. ثم عادت المرأة لتلتصق بـ (الشبح الأسود) وهما يضحكان مقهقهين و الخوف والرعب يزلزلانى بشدة .. ومن بعيد بدأت ألمح الأشخاص البيضاء ألوانهم .. ووصلتنا صيحاتهم ففر (الشبح الأسود) ومعه المرأة .. وإقترب منى الأشخاص البيضاء وجههم .. ولكن هذه المرة تقودهم إمرأة لا ملامح لها وضائية اللون تمتطى شيئاً من شدة بياضه لم أعرف ما هو .. وساروا معى قليلاً وأنا لا أسمع سوى وقع الخطوات .. ودون اى حديث لوحوا لى مودعين وأنا أصيح فيهم بأن لا يذهبوا ويتركونى .. وعندما حاولت اللحاق بهم إختفوا فجاءة من ناظرى ... فأستدرت مرة أخرى سائراً نحو بصيص النور .. وبان لى (الشبح الأسود) مرة أخرى وقد صار شديد الضخامة .. وفررت و الرعب يتملكنى .. وفجاءة ظهرت أمامى هاوية فوقفت .. وإلتفت خلفى لأجد (الشبح الأسود) يقترب منى وهو يقهقه بصوت مخيف .. وعندها زلت قدمى لتنسحب الأرض من تحتها وأنا أسقط فى هلام الهاوية السوداء المظلمة .. وفجأة أمسكت يداى بفرع أبيض على جدار الهاوية وأنا أسقط .. وتبدت لى لحظتها فتحة فى الجدار قرب الفرع الأبيض .. وتفاجأت بالمرأة البيضاء الضائعة الملامح وهى تمدّ يدها وتقول بإطمئنان غريب : تمسك بيدى يا (حاتم) .. فسوف أنقذك تمـ ..... وفجأة صحوت على يد أمى وهى توقظنى من النوم معلنة عن قرب موعد ذهابى للعمل !
(يتبع) ...........
بدر عبد الماجد مشرف
عدد الرسائل : 606 مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 05/09/2007
موضوع: رد: رواية الحلم و الحقيقة - روح بلا جسد (2/1) الإثنين 19 يناير 2009, 11:43 am
أخى ود باعو يارائع لك كل الود
سأل الممكن المستحيل أين تقيم ؟
فأجاب فى أحلام العاجز .
فأين أنت من هذا السؤال يارجل يا حلو الكلمات فالحياة ملئة بالامل فهناك سعدٌ فى إنتظارك .
فى إنتظار البقية ليتحقق الحلم الجميل .
وراجعين
عبدالله محمد نابري قلم ذهبي
عدد الرسائل : 968 العمر : 115 الاقامة : kSA - RIYADH المهنة : Chief Accounts مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 04/06/2008
موضوع: رد: رواية الحلم و الحقيقة - روح بلا جسد (2/1) الثلاثاء 20 يناير 2009, 1:49 am
الاديب .. محمد عثمان مصطفي الامين ياخي ابداع لا متناهي .. وشدّت اعصاب شديد واصل واصل ... وراجع الخاص