رحال عضو نشط
عدد الرسائل : 86 تاريخ التسجيل : 03/09/2007
| موضوع: حكاية عطر وأرض وأنثى (قصة قصيرة) الثلاثاء 13 نوفمبر 2007, 1:59 am | |
| وحكاية عطر وأرض وأنثى
مازالت حبات المطر تتساقط علينا في موسم خريفي كثيف كوداعية في يوم رحيل مؤرق ... ورمال أم روابة تحضن كل ذلك الدفق بترحاب حميم وتستاثر لنفسها كل ما تجود به بشريات السماء .. رائحة الدعاش وطعم الأرض .. السماء تحكي قصة عشق سرمدية لتلك الأرض ترويها حباً وسيلاً من الأشواق ... وما أن تنتهي تلك المناجاة المسموعة بين زئير الرعد وإيقاع المطر المتساقط في الأرض حتى تطرد جدران الدور كل ساكنيها خارجاً في دعوة مجنونة لنيل ما تبقى من عطر هذه اللقيا وتنسم عبق هذا العبير الجميل .. فخريف أم روابة لقاء حبيبين) و (شفاء قلب متعب) .. عادة وبعد الهطول يكتسي الفرح الجميع .. الكل مدعو لإنفلات طفولي مثير وممارسة عشق الرمل البارد والتسكع في أزقة وساحات المدينة الهادئة كعادة خريفية محببة كما لقاء العيد .. وفي دروبها تستنشق رائحة البن وتسمع (طقطقته) وصوته المرتب وهو يهوي ويرتفع في جنبات (المقلاة) .. وفي رحل آخر تملأ رئتيك برائحة (البطاطس المسلوق) و الذرة الشامية المقلية التي تصدر نسائمها من خلف الحوائط القصيرة ومن بين جنبات صف الحصير والدرادر .. الكل منتشي .. والكل مدعو لفرح خريفي متمرد .. كان أول موسم خريف أنعم به في (أم روابة) التي تضم بحنين شتى المسميات القبلية في السودان في وطن صغير أخذ إسم (أم روابة) ... وكان حافزاً عظيماً أن أمارس طقوس المدينة الخريفية .. وسبر أغوار تلك الأرض السمراء وأستفهم ذلك الحب الخرافي المتبادل لساكنيها ... وفي نهار معتدل والشمس تمارس مكابدة السحاب لبث أنفاسها الدافئة في ظهور واختفاء .. وأنا وثلة أصحاب وزملاء عمل خرجنا للهروب من جوء عمل رتيب ممنين النفس لغذاء جوفنا بهواء نقي بعيداً عن هواء التكييف المصطنع .. ونحن في تجوالنا المحبب إلينا .. وفي كثير الأحايين الجميلة تأتي كل المحببات المرغوبة ... توقفنا في ساحة كبيرة تحوى عدة ميادين لكرة القدم وعلى عادة سكانها يجلسون في مجموعات أسرية مرتبة .. وفي هذه الساحة تختلط عليك كثير من الروائح المحببة للنفس .. رائحة القهوة والشاي .. وطعم (الهالوق) .. وتلك البطاطس والذرة الشامية .. وبعض العطر النسائي الخاص المختلط برائحة دعاش الأرض .. تكوين تنتفخ به شهقات الرئة ويتمدد عليها جنبات القفص الصدري .. حكاية عطر وأرض وأنثى . وقعت عيني عليها .. سمراء بلون الأرض ورحيق الشهد.. عيونها نقية كأنما إغتسلت ببرد السماء الأبيض .. وجهها يحكي لوحة رسمت في نصف قمر .. شعر توسد كتف حاني مثل نخيل متكئ على شط نهر .. أنيقة وعفوية .. تتنقل في خدمة جمعها وكأنها توزع لسعات النشوة وحرير المرح عليهم في عدل ... تبتسم وكأنها محط احتفال .. لم نكن ببعدين عن هذه اللوحة البديعة الجمال .. لا بل قصدت أن أكون قريباً بقدر الإمكان حتى أمتع كل دواخلي ولا أقول نظري فقط بهذه الرؤيا .. لم يمض كثير من الوقت حتى سرقت أنفاسي .. وأنستني ما حولي .. ذهب كل هذا المنظر الخريفي المجنون .. إين رائحة البن والشاي والذرة ؟ إين هذا العطر النسائي العتيق ؟ إختفى كل ذلك الهطول ما بين مكاني وجلستها .. لم يبق إلا عطرها ... جلسنا والصحاب في مقربة منهم .. كنا نفترش رمل الأرض .. وكلنا مشغول في اجترار طرف ذكرى أو في حنين عودة للأهل .. أو ذكرى حبيب بعيد ... عدا شخصي فكنت بعيداً عن الذكرى حينها واجترارها المتعب .. فجل خاطري هو الحاضر الماثل أمامي وتلك (النصف قمر) ... أعجبتني لحد جعلني أفكر في التقرب والتعرف عليها .. أحسست أن شئياً عميقاً يسحبني خارج دائرة الأرض وطعم الدعاش ويرسلني إليها عنوة مرغوبة .. أحست بنظراتي المتلاحقة واهتمامي لها .. كانت تهرب بحياء .. لا أدري هل حقاً أنني أقنعت نفسي أم أوهمتها بتبادل هذا الاهتمام من خلال نظراتها الهاربة المتباعدة .. كل تلك الخواطر تكونت وتعملقت في لحظة عشق خريفي .. عندها تأتي كل الأفكار مجتمعة ومندفعة وصاخبة كأنما أصوات باعة متجولون في ساحة سوق مكتظ .. إنه مزاد الخواطر .. كنت أعلم جيداً أن كثير من المحببات عادة ما تصبح في كون الأمنيات ولطالما كانت أمنيتي أن أدخلها عنوة عن قرب .. أن أنشر لها صفحة إعجابي وأعلقها في محرابها ... باغتني صوت صاحبي (حسن) هامساً : نظراتك تفضح دواخلك .. لم أسمع لك صوت .. وأنت ترسل صوتك المحبوس صوب هذه الفتاة .. هون عليك مشقة الدخول في متاهة الإنبهار بها .. فهي مخطوبة لأبن عمها المتغرب بكندا .. ولا أحسب إهتمامك لغرض أخر لمعرفتي بك . لم أحفل بما قال (حسن) كثيراً .. فلم تأخذ نظراتي ولا إهتمامي بها شكلاً وإسماً في دواخلي .. مضمناً قوله (متاهة الإنبهار) .. ولم يغير حديثه لي وجهتي في السير في محرابها بترهل غير أبه بما يجب وما سيحدث .. فأنا مسروق ومخنوق لا يسمع الصيحة ... كان من بين جلوسهم من يعرفنا حق المعرفة بحكم عملنا في (مصرف) المدينة . فما أن رأنا حتى أقدم علينا مرحباً وزاد في ترحيبه أن دعانا وألح في دعوته أن نشاركهم جلستهم .. اعتذرنا له .. فنادي على (عبير) بإعداد قهوة وشاي .. رجعنا ونحل النشوة يلسعني و (عبير) القهوة والشاي تسكرني .. يوماً خريفياً خرافياً يختزل كل هذا المرح وعطيات السماء ودعاش الأرض وفرح المدينة في (عبير) .. ودعت طيفها المسافر كحلم جميل .. مضت الأيام مسرعات ونحن نهمل دواخلنا مرغمين نغوص في روتين العمل المهلك .. وما أن تينع نبضة قلب أو لحظة عميقة حتى تطفيها وتقطفها ساعات وروتين المكتب .. في مكتبي الصغير جلست وصوت الآلة الحاسبة فقط يؤنس وحدتي .. فإذا بصوت ناعم يناغمني بتحية حالمة حانية .. رفعت رأسي متثاقل فنظرت : هالني ما رأيت .. غيمة وهطول ونصف قمر في (عبير) ... نهضت وبنفس الإهتمام (الغير مسمى) وحييتها بلهفة وكانما لقاء موعود ... وجلست عرفتني بنفسها .. وما جاءت لأجله (تحويل بنكي) للجامعة التي تدرس فيها .. عرفت أنها تدرس (الصيدلة) في السنة النهائية .. وأسترسلت معها في الحديث مرغماً إياها في الدخول .. أكثرت من الأسئلة .. حتى أحست بإهتمامي المفضوح .. ونظراتي المتلهفة .. لكنني لم أكن واهماً نفسي أو كاذباً عليها .. حينما باغتتني بأنها رأتني يومها في تلك الساحة عند (عبير القهوة والشاي) .. تشاغلت عنها هرباً .. قضيت لها (التحويل المصرفي) وبعض الأعمال وقصاصة صغيرة .. وهي جالسة أمامي ترشف من فنجان الشاي سارحة الفكر بهذا الإهتمام المفضوح الذي شملها على حين غرة . شكرتني بعمق وهي تحمل أوراقها وهي خارجة .. وتحمل بقايا قلب مهمل .. وذكرى هطول بائسة على دواخل مجدبة .. دفعت خطواتها للرحيل .. إلتفتت وأنا أناديها :ـ (عبير) .. سلمتها قصاصة صغيرة ... وودعتها صارحتها بإعجابي فيها وأنها سرقت شهقتي وأنفاسي حينها وكبر هذا الإحساس الآن بعد إن تعرفت عليها عن قرب قياساً على شخصيتها الآخاذة اللبقة وأدبها .. أعترفت لها بسجني داخل طيفها المتملك دواخلي .. بعدت خطوات وقرأتني فيها ... إستدارت نحوي .. رأيت وميض دمعها يبرق كما تساقط غيم خريفي .. ذهبت ولم يبق من طيفها سوى
[color:6af2=blue:6af2]حكاية عطر وأرض وأنثى .
| |
|
الهندي بشير نابري قلم ذهبي
عدد الرسائل : 2809 الاقامة : المملكة العربية السعودية - الريــاض المهنة : Computer programmer مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 08/09/2007
| موضوع: رد: حكاية عطر وأرض وأنثى (قصة قصيرة) الثلاثاء 13 نوفمبر 2007, 2:32 pm | |
| ياااااااااه كم أنت جميل الدواخل يارحـــــال وهاهو ينعكس كل الجمال فيما تحكي وتقص عن تلك الأخذة الأولى (أم روابه ) ولا أعلم ياصديقي أخلقت هي لتترك دائما (حكاية .. وعطر .. وأنثى . في كل الدواخل ؟ فقداخذتني لعالم جميل وظللت في توهاني المعهود في حضرات الجمال لحظات ولحظات تهت معك حقاً في عالم تلك التي لا استطيع وصفها ... ثم وجدت في نفسي ماوجدت أنت حين نظرت أنا الى (نصف القمر) من خلال سردك الممتع ... كن بخير صديقي أبد الدهر ،، وانثر فينا كل ذلك الجمـــــال .. وأعلنك اليوم أني متيم لكل ما تكتب هنا
عدل سابقا من قبل الهندي ود نابري في الخميس 12 يونيو 2008, 8:39 am عدل 1 مرات | |
|
أخناتون مشرف
عدد الرسائل : 212 مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 30/09/2007
| موضوع: رد: حكاية عطر وأرض وأنثى (قصة قصيرة) الثلاثاء 13 نوفمبر 2007, 3:53 pm | |
|
عزيزي رحال السماء تمطر عبيراً ورئحة الارض تبعثك السلام حاملة بعض من دعاش .... هو شوقنا وأعجابنا الصادق ونكهة بنت تحمل بين أضلعها عشق ساخن لك كل تقديرنا وأنت تحرك مشاعرنا صوب الجمال والعطر الفواح بطعم الدعاش ... كنت قد أغلقت بعض الأبواب التي كنت أدرك أن يوماً سوف تدخل منها العامرية التي لطالما حلمت بها كثيراً وأقنعت نفسي بأن زمان الأحاسيس قد أنتهي . ومامن أنثي تحمل كل هذه التفاصيل الخصبة اللامتناهية شكراً عزيزي رحال فلقد شممت تلك القهوة من خلالك وسوف أفتح ما أغلقته في أنتظار العامرية .....
| |
|
بدر عبد الماجد مشرف
عدد الرسائل : 606 مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 05/09/2007
| موضوع: رد: حكاية عطر وأرض وأنثى (قصة قصيرة) الأربعاء 14 نوفمبر 2007, 9:28 am | |
| ][size=18]طالعة من نفس الشجر ومولودة فى نصف القمر حياة امروابة نثر وشعروكلام وهمسات ونداءا صارخا لكل حرأسمر ترفع بمشاعره بكلمات الهوى وحياة لقصة صغيرة معطرة بسماء امروابة الجميلة التى جعلت الرحال يمتعنا بكلمات وسجع والهام بروايته المنمقة و الرفيعة الكلمات وجعلها كحياة بساحات حرب تحصد فيها أرواح المحبين الابرياء من أول نظرة وقناعتى أن من ولج القتال لايفر من الشظايا وهكذا الايام تركض لا محالة وتدور رحاها من رحايا ذاك الرحال الذى ترجل وأقعده القدر فى تنفيذ عملية مصرفية وكانت حوالة وتحولت مشاعره وكان شجاعا ليتنفس عبير امروابة وحسبه شجاعا لمواجة العطر الاخاذ الطالع من دعاش المطر النازل ليكسو الرمال الباردة وهنئا لك أيها الرحال بام جندب يا أبن قيس فيظل حرفك باقيا وها نحنن ننتظر ما تكتبه أيها الولهان المشتاق ، وبرضو طالعة من نفس الشجر ومولودة فى نصف القمر[/size] | |
|
الهندي بشير نابري قلم ذهبي
عدد الرسائل : 2809 الاقامة : المملكة العربية السعودية - الريــاض المهنة : Computer programmer مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 08/09/2007
| موضوع: رد: حكاية عطر وأرض وأنثى (قصة قصيرة) الإثنين 25 فبراير 2008, 10:28 pm | |
| جئت هنـــا لأستنشق عطرا .. فوجدت الرحــــال مدهش حقاً مدهش وهو اعلان لكثرة استراحاتي في براحاتك هذه والتحليق في سمــــــاء نصوصك ........ أين أنت يارائع
| |
|
بدر عبد الماجد مشرف
عدد الرسائل : 606 مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 05/09/2007
| موضوع: رد: حكاية عطر وأرض وأنثى (قصة قصيرة) الأربعاء 18 يونيو 2008, 3:14 am | |
| - رحال كتب:
- وحكاية عطر وأرض وأنثى
مازالت حبات المطر تتساقط علينا في موسم خريفي كثيف كوداعية في يوم رحيل مؤرق ... ورمال أم روابة تحضن كل ذلك الدفق بترحاب حميم وتستاثر لنفسها كل ما تجود به بشريات السماء .. رائحة الدعاش وطعم الأرض .. السماء تحكي قصة عشق سرمدية لتلك الأرض ترويها حباً وسيلاً من الأشواق ... وما أن تنتهي تلك المناجاة المسموعة بين زئير الرعد وإيقاع المطر المتساقط في الأرض حتى تطرد جدران الدور كل ساكنيها خارجاً في دعوة مجنونة لنيل ما تبقى من عطر هذه اللقيا وتنسم عبق هذا العبير الجميل .. فخريف أم روابة لقاء حبيبين) و (شفاء قلب متعب) .. عادة وبعد الهطول يكتسي الفرح الجميع .. الكل مدعو لإنفلات طفولي مثير وممارسة عشق الرمل البارد والتسكع في أزقة وساحات المدينة الهادئة كعادة خريفية محببة كما لقاء العيد .. وفي دروبها تستنشق رائحة البن وتسمع (طقطقته) وصوته المرتب وهو يهوي ويرتفع في جنبات (المقلاة) .. وفي رحل آخر تملأ رئتيك برائحة (البطاطس المسلوق) و الذرة الشامية المقلية التي تصدر نسائمها من خلف الحوائط القصيرة ومن بين جنبات صف الحصير والدرادر .. الكل منتشي .. والكل مدعو لفرح خريفي متمرد .. كان أول موسم خريف أنعم به في (أم روابة) التي تضم بحنين شتى المسميات القبلية في السودان في وطن صغير أخذ إسم (أم روابة) ... وكان حافزاً عظيماً أن أمارس طقوس المدينة الخريفية .. وسبر أغوار تلك الأرض السمراء وأستفهم ذلك الحب الخرافي المتبادل لساكنيها ... وفي نهار معتدل والشمس تمارس مكابدة السحاب لبث أنفاسها الدافئة في ظهور واختفاء .. وأنا وثلة أصحاب وزملاء عمل خرجنا للهروب من جوء عمل رتيب ممنين النفس لغذاء جوفنا بهواء نقي بعيداً عن هواء التكييف المصطنع .. ونحن في تجوالنا المحبب إلينا .. وفي كثير الأحايين الجميلة تأتي كل المحببات المرغوبة ... توقفنا في ساحة كبيرة تحوى عدة ميادين لكرة القدم وعلى عادة سكانها يجلسون في مجموعات أسرية مرتبة .. وفي هذه الساحة تختلط عليك كثير من الروائح المحببة للنفس .. رائحة القهوة والشاي .. وطعم (الهالوق) .. وتلك البطاطس والذرة الشامية .. وبعض العطر النسائي الخاص المختلط برائحة دعاش الأرض .. تكوين تنتفخ به شهقات الرئة ويتمدد عليها جنبات القفص الصدري .. حكاية عطر وأرض وأنثى . وقعت عيني عليها .. سمراء بلون الأرض ورحيق الشهد.. عيونها نقية كأنما إغتسلت ببرد السماء الأبيض .. وجهها يحكي لوحة رسمت في نصف قمر .. شعر توسد كتف حاني مثل نخيل متكئ على شط نهر .. أنيقة وعفوية .. تتنقل في خدمة جمعها وكأنها توزع لسعات النشوة وحرير المرح عليهم في عدل ... تبتسم وكأنها محط احتفال .. لم نكن ببعدين عن هذه اللوحة البديعة الجمال .. لا بل قصدت أن أكون قريباً بقدر الإمكان حتى أمتع كل دواخلي ولا أقول نظري فقط بهذه الرؤيا .. لم يمض كثير من الوقت حتى سرقت أنفاسي .. وأنستني ما حولي .. ذهب كل هذا المنظر الخريفي المجنون .. إين رائحة البن والشاي والذرة ؟ إين هذا العطر النسائي العتيق ؟ إختفى كل ذلك الهطول ما بين مكاني وجلستها .. لم يبق إلا عطرها ... جلسنا والصحاب في مقربة منهم .. كنا نفترش رمل الأرض .. وكلنا مشغول في اجترار طرف ذكرى أو في حنين عودة للأهل .. أو ذكرى حبيب بعيد ... عدا شخصي فكنت بعيداً عن الذكرى حينها واجترارها المتعب .. فجل خاطري هو الحاضر الماثل أمامي وتلك (النصف قمر) ... أعجبتني لحد جعلني أفكر في التقرب والتعرف عليها .. أحسست أن شئياً عميقاً يسحبني خارج دائرة الأرض وطعم الدعاش ويرسلني إليها عنوة مرغوبة .. أحست بنظراتي المتلاحقة واهتمامي لها .. كانت تهرب بحياء .. لا أدري هل حقاً أنني أقنعت نفسي أم أوهمتها بتبادل هذا الاهتمام من خلال نظراتها الهاربة المتباعدة .. كل تلك الخواطر تكونت وتعملقت في لحظة عشق خريفي .. عندها تأتي كل الأفكار مجتمعة ومندفعة وصاخبة كأنما أصوات باعة متجولون في ساحة سوق مكتظ .. إنه مزاد الخواطر .. كنت أعلم جيداً أن كثير من المحببات عادة ما تصبح في كون الأمنيات ولطالما كانت أمنيتي أن أدخلها عنوة عن قرب .. أن أنشر لها صفحة إعجابي وأعلقها في محرابها ... باغتني صوت صاحبي (حسن) هامساً : نظراتك تفضح دواخلك .. لم أسمع لك صوت .. وأنت ترسل صوتك المحبوس صوب هذه الفتاة .. هون عليك مشقة الدخول في متاهة الإنبهار بها .. فهي مخطوبة لأبن عمها المتغرب بكندا .. ولا أحسب إهتمامك لغرض أخر لمعرفتي بك . لم أحفل بما قال (حسن) كثيراً .. فلم تأخذ نظراتي ولا إهتمامي بها شكلاً وإسماً في دواخلي .. مضمناً قوله (متاهة الإنبهار) .. ولم يغير حديثه لي وجهتي في السير في محرابها بترهل غير أبه بما يجب وما سيحدث .. فأنا مسروق ومخنوق لا يسمع الصيحة ... كان من بين جلوسهم من يعرفنا حق المعرفة بحكم عملنا في (مصرف) المدينة . فما أن رأنا حتى أقدم علينا مرحباً وزاد في ترحيبه أن دعانا وألح في دعوته أن نشاركهم جلستهم .. اعتذرنا له .. فنادي على (عبير) بإعداد قهوة وشاي .. رجعنا ونحل النشوة يلسعني و (عبير) القهوة والشاي تسكرني .. يوماً خريفياً خرافياً يختزل كل هذا المرح وعطيات السماء ودعاش الأرض وفرح المدينة في (عبير) .. ودعت طيفها المسافر كحلم جميل .. مضت الأيام مسرعات ونحن نهمل دواخلنا مرغمين نغوص في روتين العمل المهلك .. وما أن تينع نبضة قلب أو لحظة عميقة حتى تطفيها وتقطفها ساعات وروتين المكتب .. في مكتبي الصغير جلست وصوت الآلة الحاسبة فقط يؤنس وحدتي .. فإذا بصوت ناعم يناغمني بتحية حالمة حانية .. رفعت رأسي متثاقل فنظرت : هالني ما رأيت .. غيمة وهطول ونصف قمر في (عبير) ... نهضت وبنفس الإهتمام (الغير مسمى) وحييتها بلهفة وكانما لقاء موعود ... وجلست عرفتني بنفسها .. وما جاءت لأجله (تحويل بنكي) للجامعة التي تدرس فيها .. عرفت أنها تدرس (الصيدلة) في السنة النهائية .. وأسترسلت معها في الحديث مرغماً إياها في الدخول .. أكثرت من الأسئلة .. حتى أحست بإهتمامي المفضوح .. ونظراتي المتلهفة .. لكنني لم أكن واهماً نفسي أو كاذباً عليها .. حينما باغتتني بأنها رأتني يومها في تلك الساحة عند (عبير القهوة والشاي) .. تشاغلت عنها هرباً .. قضيت لها (التحويل المصرفي) وبعض الأعمال وقصاصة صغيرة .. وهي جالسة أمامي ترشف من فنجان الشاي سارحة الفكر بهذا الإهتمام المفضوح الذي شملها على حين غرة . شكرتني بعمق وهي تحمل أوراقها وهي خارجة .. وتحمل بقايا قلب مهمل .. وذكرى هطول بائسة على دواخل مجدبة .. دفعت خطواتها للرحيل .. إلتفتت وأنا أناديها :ـ (عبير) .. سلمتها قصاصة صغيرة ... وودعتها صارحتها بإعجابي فيها وأنها سرقت شهقتي وأنفاسي حينها وكبر هذا الإحساس الآن بعد إن تعرفت عليها عن قرب قياساً على شخصيتها الآخاذة اللبقة وأدبها .. أعترفت لها بسجني داخل طيفها المتملك دواخلي .. بعدت خطوات وقرأتني فيها ... إستدارت نحوي .. رأيت وميض دمعها يبرق كما تساقط غيم خريفي .. ذهبت ولم يبق من طيفها سوى
حكاية عطر وأرض وأنثى .
إهداء هذه القصة الرائعة للأخ/ خضر حسن، الغالى وصاحب الكلمة الجميلة والاحساس الادبى الذى يسكن بداخل أعماقه وأشجانه التى تذهب بخياله إلى دنيا ه المليئة برحيق الزهور التى عطرنا بشزاها منذ زمن بعيد . وأهديك هذا العطر الجميل الاتى من أمروابة أرض الجمال .فهلا قبلت منى هذه الهدية ؟؟ ؟ [/color]
| |
|
الهندي بشير نابري قلم ذهبي
عدد الرسائل : 2809 الاقامة : المملكة العربية السعودية - الريــاض المهنة : Computer programmer مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 08/09/2007
| موضوع: رد: حكاية عطر وأرض وأنثى (قصة قصيرة) الخميس 19 يونيو 2008, 11:27 pm | |
| مازلنا أيها الرحـــال في ترحالنــا دوما معك فعل تعود الينا لتنعش المكان ويصبح بك رحيب
| |
|