سألني أحد الاخوان ، لماذا تجعلون للذكر أعدادا ؟ لماذا لا تكتفون بأن تذكروا الله فقط دون الإهتمام بعدد معين ؟ فقلت له الحياة كلها قائمة على الأرقام و الأعداد . فكل الأشياء في نسبة و تناسب – لتعلموا عدد السنين و الحساب . و لو نظرنا في مكونات المادة و عناصرها لوجدناها بمقادير محددة من ذرات و أجزاء أصغر منها عبارة عن أعداد و اوزان . و الصناعات الغذائية على سبيل المثال عبارة عن مقادير فإذا اختلت نسب مقادير مكوناتها اختل مذاقها أو قوامها أو شكلها – إنا كل شيئ خلقناه بقدر.
و نجد في القرآن الكريم ذكر لأرقام شتى . إن تستغفر لهم سـبعين مرة . يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا . من جاء بالحسنة فله عشر امثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها وهم لا يظلمون . و الوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون . من هذه الأيات و غيرها نحس بالارقام و الأعداد و الحساب . و إذا بحثنا في سنة المصطفى صلى الله عليه و سلم نجد أن كثيرا من الأذكار مبنية على أعداد كالتسبيح دبر الصلوات و إستغفار النبي صـلى الله عليه و سلم وأذكار اليوم و الليلة , و أركان الإسلام الخمسة مبنية على أعداد ، الصلاة إثنين و ثلاث و اربعة ، الصوم في أيام معدودات ، الزكاة نصاب ، الحج في العمر مرة مع الإستطاعة .
أحب الأعمال إلى الله أدومها و إن قل ، هذا النص يتضمن مقدار و يعبر عن كل الأعمال الصالحة . و منها ذكر الله جل حلاله . و في سيرة الصحابة روايات تحكي عن إهتمامهم باعداد الذكر التي تمكنهم من معرفة التوقيت في حياتهم اليومية و اقرب مثال عندما ذهب أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب لإستلام مفتاح بيت المقدس و لم يكن معه سوى غلامه و دابة واحدة كانا يتناوبان عليها ، مرة هو و مرة الغلام و مرة يمشيان لترتاح الدابة و هكذا حتى وصلا . و السؤال هو كيف كانا يحفظا التوقيت للحالات الثلاث ؟ لابد من مقياس دقيق لذلك و المقياس المستخدم في ذلك الوقت كان الذكر .
أما قول شيخي هو أن للذكر نور في القلب و هذا النور إذا زاد عن الشعاع الذي يربط بين القلب و الدماغ يصاب الإنسان بما يعرف بالجزبة التي يختل معها التمييز و هذا القول مبني على تعريف العقل الذي ذكره العلماء و هو أن العقل سر إلاهي محله القلب و له شعاع متصل بالدماغ . و بما أننا لن نتمكن من قياس مقدار هذا النور يمكننا أن نحدد المقدار الناتج عنه هذا النور.
و كل هذه إشارات أتمنى أن يكون فيها الفائدة و الإجابة المقنعة . ونسأل الله أن يجعلنا من الذاكرين له كثيرا .