اليوم عظيم والفقد جلل ... إنا لله واإنا اليه راجعون
بسم الله الرحمن الرحيم
(انا لله وانا اليه راجعون)
الثلاثاء الموافق 18-12-2007 انتقلت الى رحمة مولاها
المرحومة :الحاجة/ مريم حاج عبد الله احمد نابرىتوفيت فى يوم عرفة ساعة نفره الحجيج تغمضها الله بواسع رحمته الحاجة / مريم حاج عبد الله احمد نابرى زوجة المرحوم / حسين محمد ابراهيم عليه الرحمة والمغفرة ,
والده
كل من عوض الله الرشيد حسب النبى , هشام حسين ,محمد حسين(معتز) , ناجى
حسين , اويس حسين , اليسع حسين , ووالدة هاجر حسين , نهله حسين .
امتهنت المرحومه مهنة القابلة (داية) حوالى اربعون عاماً, من قبل زواجها رغبة لتلبية رغبة
والدها
الشيخ \حاج عبد الله احمد نابرى عليه رحمة الله وبركاته , وخلال هذة
الفترة اصبحت المرحومة من الدايات المشهورات و القديمات فى المنطقة وخرج
على يدها اجيال واجيال .
شهدها الناس بطيبه قلبها ورقة عطفها
ولسانأ سكرياً فريد من نوعة ووجهاً صبوحاً لا تفارقـــــة الابتسامة ابداً
عرفها بذلك الفقير قبل الغنى والجاهل قبل المتعلم والصغير قبل الكبير
الجنوبيين قــل الشماليين , توزع بسماتها وضحكاتها حتى يشعر من سئمت بها
الحياه بأن الدنيا ماذالت بخير وبأن االسعادة تدب فى نفسه الان .
طيبة خلوقه كريمة تكرم كل من دخل بيتها لا نعرف لها خصام ولا تعرف هى شيئأ
عنه ولا عن عزاب الناس او مقاطعتهم او ايلامهم . كانت راضية تمام الرضى
بحياتها لا تدخل فى شئون الغير ولا تتـرك الغير ان يتدخل فى شئونها ’
وسعيدة كل السعادة مع زوجها وابنائها .
تتعامل مع كل الناس
بابتسمتها المعهودة وطيبتها الزائدة وحنانها وكل ما يتعلق بالعطف والاحساس
والانسانية كانت تتركة فى نفـس من جالسها .توفى والدنا عليه رحمة الله
وبركاته فى سنة 1994 وتركنا صغارأ انذاك الوقت ولكنها لم تشعرنا البته
بفقدانه عرفناها نحن أبنائها وافراد اسرتها بأنها صديق حميم قبل (
والدة وأم )
فتشارك كل منا هموم حياته وتحترم افكانا وتلبى حاجاتنا وان كان ذلك فوق
طاقتها!!! نعم ولو فوق طاقتها فكم سهرت الليالى وتعبت حتى تلبى حاجة واحد
منا وحريصة غاية الحرص بان ينال كل من اولادها درجة علمية تأمن مستقبله
وترفع هى راسها ...
فبذلت قصارى جهدها وحققت لهم امانيهم ورفعت راسها بفرحهم .
نعـتزبها كثيرأ حتى اصبحنا اذا تعرفنا على شخصأ ما لن يكتمل التعارف حتى يأتى
الى زيارتنا فى البيت ليتعرف الى شخصيتنا الحقيقة والتى لا نستطيع ان
نعكسها نحن بل تستطيع امى ان تترك فـيه اثرأ عميقاً يعكس كينونة هذه
الاسرة الطيبة وتوضح له قيمة صديقة اى ابنها , لتترك نفســـها
اماً وصديقتأ له قبل ولدها.
تذهب مع الغنى والفقير عندما يطلب منها لتدارك امراة فى حالة الوضوع ,
تركب العربة ومع الفقراء تركب عربة (الكارو) وفى بعض الظروف تذهب سيراً
بالاقدام متواضعة جداً تصادق الفقراء وتقــوم بزياراتهم واحياناً يطرق باب
منزلنا لنرى احدى النساء الجنوبيات الفقيرات تحمل فى يدها رطل سكـر و رهط
من البن لتشرب معها (الجبنة -القهوة) كيف ولا ما دام قد وقفت بجانبها
يوماً , تدخل كل البيوت دون تردد عندما تشعر بان هنالك من يحتاج اليها
وهنالك من له كربة تريد ان تفرجها عنة , كم دخلت الـى بيوتاً غير مكتملة
البناء وساكنوها فقراء يعتبرون غفر او حراس الى حين ان يكتمل بناؤها
فــتدخل وتباشر عملها وتاكل أكلهم وتشرب معهم وتتأنس معهم وتضحكهم ثم
تغادر .
وعندما اشتد ساعد اولادها طالبوها بان تتوقف عن تلك المهنة الشريفة نسبة
لحالتها المرضية ولكن هيهات رفضت بـأن تتوقف عن ذلك وتقول عبارتها (
انا بفرج كرب الناس فى الدنيا ء عشان ربنا يفرج كربتى فى الاخرة) ورفضت ان تستقيل من عملها ومارست عملها رغم المرض والتعب الكثير الذى
كانت تعانية من السهر والمشى لمسافات طويلة فخصصت غرفة فى منزلها لتقوم
بتوليد النسا اللاتى يأتين فى ساعة متاخـرة من الوضوع فتقوم بتوليدهن
وتجهيز القهوة لها حتى يرتفع ضغطها ومن ثم تنتظر طويلاً حتى ياتـى زوجها
ليغادرا معا ً .
لاتعرف قيمة المال ولا
الذهب ولا شئ من ملزات الدنيا الفانية مستورة الحال تلبس لبسأ متواضعاً وتأكل
حلالأ ولو
رخيص ولكنها لا تتنازل ابداً من أن يتوقف احدى ابناها من التعليم ولا تنام اذا مرض احدهم وتحمل هموم الاب والام معاً ...
ومع اخواناها واخواتها تعرف معــنى الاحترام والحـب ولا ترضى بان تفارقهم قبل سماع ضحكاتهم ..
.فتراهم يلـحون عليها بالاستمرار دون المغادرة ,اما مـع اولاد وبنات اخوانها واخواتها ياسلالام يلتفون حولها
وكأنهم ابنائها يحكـون لها حكاياتهم وتبادلهـم المشاركة بنشاط وتجتهد جداً لتراهم سعيدين امامها ولا ابالغ بان اقـول جميعهم يترددون اليها يومياً ليأخذة قسط من الترفيه معها , تكثر فى القصص عن ابويها والماضى التى كانت تعيشه
وتعتز به وتفخر وتأخذ منه العبر والاحكام , وتكثر لهم بالدعاء (
الله يغفر لك يا ابوي الحاج ويبرد اخرتك ).
عاشت المرحومه فتره مرضية طويله وهي مصابة بمرض (
السكرى) وصبرت على هذا البلاء زمنأ ورغم ذلك لم يجرد المرض من شخصيتها شيئاً فتضحك وتضحكنا معها وهى مستلقية على فراش المرض .
فى قمه
الآلم والمرض لا تنسى بأن تألف قصيدة صغيرة
لممرضه او طبيب ممن كانو حولها دائماً لتضحكهم
بها وتبث فيهم روح المرح فتراهم فى قمة السعادة وهم بجانبها , لا تتطلب من احدنا شيأ الا وسبقتها بكلمة (
عافية منك ) فكانـــت تكثر بالعفوء لابنائها بصورة غريبة لاتقول جملة لنا الا وكانت فيها عفؤ ورضاء ودعواتها
المستمرة ترددها وتتمت بها بافراط لنا وكانت تكثر لترديد هذة الدعوة (
عافية منك عفواً يسهلك
القاسية ليك, عفـوأ أعلى مقامك ويذيد بنيانك وتبقى عالى جبلاً ما يطلع وبحراً الناس تطلب منو , عافية منك عفواً
انجح قلمك ويزيل بلمك , عافية منك عفواً اديك لمن ارضيك والصلاه على النبى تبقالك علم وتكتب معك فى القلم
وتزكرك الناسيهو ) ترددها دائما وخاصتاً عندما يكون احدنا فى امتحانات وللمغتربين والبعيدين عنها تقول (
الفى الغربة
ما يضوق كربة ) , او عندما ينزل المساء وبعد سهره طويلة ممتعة معها نجيش فيها الكثير... الكثير تراها توسدت
يدها اليمنى وتتمتم بتلك الدعوات وتختم بقولها (
استغفر الله ورجعت لى الله , اللهم اغفر لى فى ما فات وهون على
سكرات الممات ثم بعدها تنطق بالشهادتين ) ثم تجذب فراشها لتنام ,فيشعر الفرد منا بالراحة ويدرك ان له اماً عظيمة.
.نحن لا نمدحك بل نزكر محاسنك فحقيقتاً انتى أ
م عظيمة ونشهد بانك اكملتى رسالتك الامومية على اتم واكمل وجه ,
وصديقتةَ حميمة لن انساها طوال حياتى وداخل قلبى مخلاة مليئة بوصاياك وذكرياتك لن افرط فيها ابداً ولن اسمـــح
لعوامل النسيان ان تقرضها او تدنسها . فقط كونى فى قبرك مطمئنة علينا ونسأل الله ان يجعل فــينا الصلاح حتى
تصلك منا الدعوات ويتقبلها منا الله .
كانت تدرك تمامً بان الموت له يوم لا يتقدم ساعة ولا يتأخر لذلك لم يخيفها المرض ولم تبالى منه ولا
تبالى.... ولكنها فى الفترة الاخيرة أحست بذلك فعندما عزمت أنا على السفر لاكمل
دراستى بعد ان قضيت معها اجازة ممتعة اصرت ان تذهب معى الى المطار لتودعنى
بنفســها وعندما تحركت العربة بداءت تسرد فى النصائح وتقول (
الغربةحارة قرش حصحاص خليك راجل شجاع , ما تقع فى الحرام ...خلى بالك من نفسك...أكل كويس... واتغطى كويس... وخليك صبور... والله يغطى عليك من كل بلاء,واسمعنى ياولدى الغربة حارة وعادى ممكن يضربو ليك ويقولولك فلان مات او امك ماتت خليك شجاع وصبور وثابت وما تتجرس وتتجزع , وربنا يغطى عليك ويرجعك لى بالسلامة واتهنى بى جديدك واشوف وليدك ) .......
و ما ادخل فى التوتر بعد ان اتصلت عليها تلفونياً قبل الوفاء
بايام وسالتـنى من اخبارى وسالتها من اخبارها قالت بانها كانت طريحة
الفراش من ايام بالملارياء ولكنها تحسنت تمامأ وجائت اختها الكبيرة (
السيدة) وذهبتا لزيارة احدى الصالحين اخبرتنى انها بخير وطلبت
منى العفـوء عنها فسكت برة ثم قلت انا اعفى عنك ولا انتى تعفى منى فاشارت بان عفوها عنى لن ينقطع وهسـع بعد الصلاة
شحت ليك الله يلا اعفى منى لن تنسى بل زكرت ذلك مرة اخرى فضحكت وقلت لها (
العفو لله ورسولو عافى منك ),قالت فضل ليك كم وتخلص اجبت شهرين قالت
الموت ما معروف خائفة تجى وتلقانى مافى سكت برهة وقمت بمزاحها الله يطول فى عمرك ما تقولى كدى
باكر انشا الله نكون معاك ... بعد أن وضعت السماعة احسست بغرابة المكالمة فطلعت من الكبينة الاتصال ببطء وفى رأسى الكثـير الكثير .
جاءت ساعة الموتفى ذالك اليوم العظيم يومعرفة يوم المغفرة ، بعد ان طلبت من ابنهـــا ان
يقوم بغسلها داخل المستشفى وهى تردد العفو لأولادها وتكثر من
اللهم اغفر لى فى ما فات وهون عــلى سكرات الممات ...